تتسع يوماً بعد يوم الفجوة الاقتصادية في كندا بشكل ملحوظ، حيث تواجه الأسر ذات الدخل المنخفض ضغوطاً متزايدة بفعل التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تزداد الأُسر الغنية قوة مالية. هذا ما يمكن اعتباره جوهر تقرير جديد أصدره المدير البرلماني للميزانية الفيدرالية، إيف جيرو، الذي كشف أن الطبقة الغنية استطاعت تجاوز تحديات الاقتصاد الكندي منذ العام 2022، فيما أصبحت الأسر ذات الدخل المنخفض “أكثر هشاشة”.
وفقاً للتقرير، فإن التحويلات الحكومية وزيادة الأجور، كما صافي دخل الاستثمار، كلها ساعدت في تحسين وضع الأسر ذات الدخل المرتفع، حيث تمكّنوا من الحفاظ على قدرتهم الشرائية وتجاوز تأثيرات التضخم. في المقابل، الأُسر التي تعتمد بشكل أكبر على الاقتراض، شهدت ارتفاعاً في مدفوعات الفائدة بوتيرة أسرع من نمو مداخيلها، مما أدى إلى تقلص قدرتها الشرائية.
وسط ذلك، يلاحظ جيرو أن الأُسر الأكثر ثراء استفادت من نمو مداخيلها الاستثمارية بوتيرة أسرع من تكلفة ديونها، ما أدى إلى تحقيق مكاسب صافية، ساهمت في زيادة ثرواتها خلال العام 2023. وعلى النقيض من ذلك، تعاني الأسر ذات الدخل المتوسط والدخل المنخفض من ركود أو حتى تدهور في قدرتها الشرائية، خصوصاً مع تجاوز مدفوعات الفائدة لمعدلات نمو دخلها.
وعلى الرغم من أن معدل التضخم السنوي انخفض إلى 2.0% في شهر آب الماضي، بعد أن بلغ ذروته عند 8.1% في يونيو 2022، فإن التأثيرات الاقتصادية لم تتبدد بعد. الأسر ذات الدخل المنخفض، التي تفتقر إلى مصادر الاستثمار، تشعر بضغط اقتصادي أكبر مقارنة بالأسر الأكثر ثراء. والتحولات في التضخم ربما تبدو إيجابية على الورق، لكنها لا تحمل نفس التأثير على جميع الفئات الاجتماعية.
كما يشير التقرير إلى أن التأثيرات الاقتصادية ليست متساوية في جميع أنحاء كندا. فبينما شهدت مقاطعات مثل كيبيك وأونتاريو تحسناً في القدرة الشرائية، عانت مقاطعات أخرى مثل نيوفاوندلاند ولابرادور من تدهور واضح. هذا التباين يعكس تباين الاقتصادات الإقليمية في كيفية تعاملها مع التضخم.
ومع تخفيض بنك كندا لسعر الفائدة إلى 4.25% في سبتمبر 2024، يأمل الكثيرون بأن هذا التوجه سيخفف من وطأة الفائدة المتزايدة على الأسر. لكن ثمة سؤال أساسي: هل ستستفيد جميع الأسر من هذه التغيرات، بالتساوي؟