انتظر أحمد نحو عام ليتمكن من حصوله على أوراق الهجرة إلى كندا. يقول إن زوجته هي من تكفلت بأمور أوراق ملف الإقامة الدائمة، والتي حاز عليها فور بلوغه المطار الكندي. “كان شعوراً محبباً ولافتاً أن تنال هدية فورية من دولة غريبة”، يضيف أحمد، الشاب العشريني الآتي من الأردن، والمقيم حالياً في تورنتو.

تهدف الحياة في كندا، بالنسبة لأحمد، إلى “تشكيل عائلة وسط بيئة آمنة”، على حد وصفه، فيما يشير كمال إلى أن رحلته الكندية انطلقت من العراق، “لأعيش وأموت هنا، في بلد يحترمني ويعطيني حقوقي الإنسانية البديهية”. ورغم أنه لا يمتلك شهادات جامعية، إلا أن “الدولة تقدم برامج للمساعدة في الحصول على عمل”، يقول، معرباً عن أمله بالحصول على الجنسية ليمنح أولاده مستقبلاً “مدروساً”.

السعي للحصول على الجنسية الكندية ليس مستجداً، رغم الغلاء المالي الأخير، فقد تحولت كندا منذ سنوات لوجهة رئيسية للباحثين عن فرص جديدة، كما للمهاجرين الذين يرغبون في بناء حياة بدولة تقدم الاستقرار، الحقوق المدنية، ونظاماً اجتماعياً قوياً. لكن، ما الذي يجعل الجنسية الكندية محط اهتمام للعديد من الناس حول العالم؟

تُعتبر الجنسية الكندية رمزاً للمواطنة، في دولة تعتمد على مبدأ التعددية الثقافية، وهو مبدأ نادراً ما يتواجد بهذا الوضوح والفاعلية في بلدان متنوعة. كندا ليست وجهة اقتصادية، بل مجتمع يرحب بالمهاجرين واللاجئين من جميع أنحاء العالم، متيحة لهم الفرصة للاندماج والمشاركة في بناء مجتمع متعدد الثقافات. هذا الترحيب لا يقتصر على الكلمات، بل يتمتع المواطنون الجدد بنفس الحقوق والواجبات التي يتمتع بها المواطنون الأصليون.

من منظور اقتصادي، تقدم كندا بيئة مستقرة للمهاجرين، إذ تتمتع باقتصاد متماسك ونظام رعاية اجتماعية متين. المهاجرون الذين يحصلون على الجنسية الكندية يستفيدون من نظام الرعاية الصحية المجاني، تعليم مدعوم من الدولة، وأمان اجتماعي واسع النطاق. بالإضافة إلى ذلك، تمنح الجنسية الكندية لحامليها الفرصة للسفر بحرية، حيث أن جواز السفر الكندي يُعتبر من أقوى الجوازات في العالم، ما يسمح بالدخول إلى عدد كبير من الدول دون الحاجة إلى تأشيرة مسبقة.

سياسياً، الجنسية الكندية تمنح المواطنين الحق في المشاركة في الانتخابات، سواء على المستوى الفيدرالي أو المحلي. هذا الحق في التصويت لا يعزز فقط من الديمقراطية، بل يعكس الفكرة القوية بأن المهاجرين الذين أصبحوا مواطنين يجب أن يكونوا جزءاً فعالاً من صنع القرارات التي تؤثر على حياتهم، وحياة المجتمع الكندي ككل.

وتُعدّ كندا من الدول التي تضع حوافز عدة لجذب المواهب والكفاءات، من مختلف دول العالم، ما يجعلها مقصداً للراغبين في بناء حياة مهنية جديدة. ومن خلال برامج الهجرة المتنوعة، مثل “برنامج الهجرة الاقتصادية”، وبرامج “العمال المهرة”، تفتح كندا أبوابها للأفراد الذين يرغبون في العمل والاستثمار في اقتصادها. وهي، في المقابل، تستفيد من اندماجهم المهني والمالي.

شروط

للحصول على الجنسية الكندية، يجب على المتقدمين تحقيق مجموعة من الشروط الأساسية. أولاً، يتعين أن يكون الشخص قد عاش في كندا لمدة ثلاث سنوات على الأقل، من أصل آخر خمس سنوات قبل تقديم الطلب. هذه الإقامة القانونية هي أحد الشروط الأساسية لتأهيل المتقدمين، حيث تعكس التزامهم بالعيش في البلاد والتعرف على مجتمعها.

ثانياً، يجب على المتقدمين تقديم دليل على إتقان إحدى اللغتين الرسميتين في كندا، الإنجليزية أو الفرنسية. ويُعدّ اختبار اللغة، مثل IELTS أو CELPIP للإنجليزية، من الوسائل الأساسية لإثبات الكفاءة اللغوية. هذا الشرط مهم لضمان قدرة المواطنين الجدد على الاندماج بشكل كامل في المجتمع الكندي.

ثالثاً، يُطلب من المتقدمين اجتياز اختبار الجنسية الكندية، الذي يغطي مواضيع تتعلق بتاريخ كندا، القيم الدستورية، والنظام السياسي. يهدف هذا الاختبار إلى تعزيز فهم المواطنين الجدد للأسس التي تقوم عليها الدولة وما تعنيه المواطنة في كندا.

أخيراً، يجب على المتقدمين التأكد من دفع كافة الضرائب المطلوبة إذا كانوا مطالبين بذلك، وأن يكون لديهم سجل قانوني نظيف، من دون إدانة في جرائم خطيرة. وبمجرد استكمال هذه الشروط، يمكن للمشاركين تقديم طلب الجنسية إلى دائرة الهجرة واللاجئين والمواطنة الكندية (IRCC)، وعادة ما تستغرق عملية مراجعة الطلب ما بين 12 إلى 24 شهراً. بعد الموافقة على الطلب، يتعين على المتقدمين حضور حفل أداء القسم، حيث يقسمون الولاء للملك والدستور الكندي، فيصبحون مواطنين رسميين.