مايكل سنو، الفنان الكندي الذي حوّل الحدود بين الفنون المختلفة إلى مساحة للتجريب، يعتبر أحد الشخصيات الأكثر تأثيراً في الفنون البصرية في القرن العشرين. ولد سنو في تورنتو في العام 1928، وقد بدأ مسيرته الفنية في الرسم، لكنه سرعان ما انتقل إلى استكشاف وسائط عدة، مثل التصوير الفوتوغرافي، السينما، الموسيقى، وصولاً إلى النحت.
سنوات الخمسينيات والستينيات كانت فترة التحول الرئيسية في مسيرته، حينما بدأ سنو يعيد النظر في طبيعة الفن نفسه. لم يكن يعتبر اللوحة مجرد نافذة للعالم، بل تجربة في حد ذاتها. بدأ بدمج الفوتوغرافيا مع الرسم، ثم انتقل إلى السينما، حيث صنع فيلمه الشهير Wavelength في العام 1967. هذا العمل، الذي يستغرق حوالي 45 دقيقة، هو تجربة سينمائية فريدة، تتمثل في حركة بطيئة للكاميرا عبر غرفة، بينما تحدث أحداث متفرقة بالتوازي. كان الفيلم ثورياً، ليس فقط بسبب شكله، بل لقدرته على تحدي توقعات الجمهور حول ما يمكن أن يكون عليه الفيلم.
أعمال سنو لا تنفصل عن بعضها: الفنان الذي يرى أن الرسم، والتصوير، والسينما، وحتى الموسيقى، ليست فروعاً منفصلة من الفن، بل جزء من نهج شامل يستكشف مفاهيم الوقت، والحركة، والإدراك. في العام 1979، عمل على مشروع موسيقي بعنوان Musics for Piano, Whistling, Microphone and Tape Recorder، حيث أظهر مرة أخرى أنه لا يلتزم بتوقعات أي نوع فني.
أحد أبرز أعماله الأخرى هو التمثال الشهير Flight Stop، الذي يقع في مركز إيتون في تورنتو. يتكون هذا العمل من سلسلة من الأوز البرونزية المعلقة في سقف المركز التجاري، وهو تجسيد لحرية الطيور التي لطالما جذبته كرمز للحركة والتجدد.
برغم أن أعمال سنو قد تبدو صعبة الفهم للوهلة الأولى، إلا أنها تقدم تجربة بصرية وفكرية فريدة. ما يميز مسيرته هو تحديه المستمر للأفكار المسبقة عن الفنون، والبحث عن طرق جديدة لتقديم المفاهيم المعقدة بأسلوب جمالي غير تقليدي. سواء كان في السينما أو الفنون البصرية، كان سنو دائماً يبحث عن حدود الفن فقط ليخترقها، ويقدم شيئاً جديداً.

[spbsm-share-buttons]