بعد مرور نحو أسبوع من وصوله إلى كندا، بدأ سامر (29 سنة) رحلة بحثه عن عمل، وبما أنه لا يحمل شهادة جامعية، قصد المطاعم والملاحم والتعاونيات الاستهلاكية. “ظننت أن البحث سيكون سهلاً بسبب خبرتي المهنية، لكن رفض الجميع توظيفي لأنني أحمل إقامة بصفة زائر”، يوضح سامر، مضيفاً: “كانت الخطة أن أصل إلى هنا، أحصل على وظيفة، ثم أوكل محامية لأسوّي إقامتي، لكن لم أنجح بذلك، وسأظلّ أحاول”.
وفيما يبدو سامر يائساً، بملامح وجهه لا كلامه، تبدي وفاء (34 سنة) “امتناناً كبيراً لكندا”. بحماسة، تتحدث عن زملائها في الشركة الجديدة: “لم أعمل يوماً في بيئة مماثلة تضم موظفين من كل الجنسيات، وهو أمرٌ علّمني كيف أرى مواضيع عدة من زوايا مختلفة، وأتعرف على ثقافات جديدة”. تتحفظ وفاء عن ذكر راتبها الشهري، مكتفية بالقول إنه “كفيلٌ بدفع إيجار المنزل والتبضع، وأقساط السيارة، وقليل من المدخرات”.
في المقابل، البحث عن عمل في كندا بإمكانه أن يكون مصدراً للخوف بالنسبة للقادمين الجدد، في بلد يشتهر بتنوعه الثقافي واندماجه الاجتماعي، يعتبر العثور على وظيفة ملائمة خطوة حاسمة نحو الاستقرار. يبدأ الكثيرون برحلة البحث بمجرد وصولهم، ويمتلك البعض توقعات كبيرة، لكن سوق العمل الكندي قد يتطلب الكثير من المرونة والتكيف.
تكمن التحديات الأساسية في عدم الاعتراف بالمؤهلات الدولية. على الرغم من الخبرات والشهادات التي يجلبونها معهم، قد يجد الكثيرون أنفسهم بحاجة إلى تقييمات إضافية أو حتى تدريب متخصص للحصول على التراخيص اللازمة للعمل في مجالاتهم. هذه العملية قد تكون مرهقة وتستغرق وقتاً طويلاً، خصوصاً في القطاعات التقنية أو الطبية، حيث تتطلب الوظائف مؤهلات محلية وشهادات كندية.
إلى جانب هذه العقبة، يواجه القادمون الجدد ما يُعرف بـ”فخ الخبرة الكندية”، وهو مطلب يضعه عدد من أصحاب العمل عند التوظيف. كما أن عدم وجود خبرة عمل سابقة في كندا قد يجعل من الصعب التنافس مع المتقدمين الآخرين، بغض النظر عن الخبرات الواسعة التي يمتلكها الشخص في بلده الأم. هذا التحدي يجعل البعض يلجأ إلى البدء بوظائف مؤقتة أو دون مستوى مؤهلاتهم، حتى يتمكنوا من اكتساب تلك الخبرة المحلية المطلوبة.
رغم هذه العقبات، ثمة حلول مساعدة: التطوع أو التدريب المهني يمكن أن يكون بوابة للحصول على خبرة كندية، بالإضافة إلى بناء شبكة علاقات مهنية قد تفتح الأبواب لاحقاً. في كندا، العلاقات الشخصية تلعب دوراً كبيراً في التوظيف، وغالباً ما يتم الحصول على فرص العمل من خلال التوصيات أو شبكات العلاقات.
من الضروري أيضاً أن يكون لدى القادمين الجدد القدرة على التكيف. في بداية رحلة البحث، قد يكون من الأفضل قبول وظائف مؤقتة أو في قطاعات لا تتطلب الكثير من المتطلبات المهنية. هذه الوظائف ليست مجرد مصدر دخل، بل تتيح فرصة للتعرف على بيئة العمل في كندا، وتحسين اللغة الإنجليزية أو الفرنسية، وتوسيع شبكة العلاقات المهنية.
تحدٍ آخر يواجه البعض هو حاجز اللغة. حتى في مدن متعددة الثقافات مثل تورنتو أو فانكوفر، لا يزال إتقان اللغة ضرورياً للنجاح. من المفيد أن يستثمر القادمون الجدد في تحسين مهاراتهم اللغوية منذ البداية، سواء من خلال الدورات التدريبية أو الممارسة اليومية. المرونة والقدرة على التكيف هما المفتاحان الرئيسيان للنجاح في سوق العمل الكندي. أما نصيحتنا لكم فهي: المغامرة. لا تتقيدوا بسقوف أحلامكم.
